فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وجماعة عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه أتى بدابة فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله ثلاثًا والله أكبر ثلاثًا سبحان الذي سخر لنا هذا إلى لمنقلبون سبحانك لا إله إلا أنت قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم شحك فقيل له: مم ضحكت يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت ثم ضحك فقلت: يا رسول الله مم ضحكت؟ فقال: يتعجب الرب من عبده إذا قال: رب اغفر لي ويقول: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري، وفي حديث أخرجه مسلم والترمذي وأبو داود والدارمي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر حمد الله تعالى وسبح وكبر ثلاثًا ثم قال: سبحان الذي سخر لنا هذا إلى لمنقلبون، وفي حديث أخرجه أحمد وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من بعير إلا في ذروته شيطان فاذكروا اسم الله تعالى إذا ركبتموه كما أمركم»، وظاهر النظم الجليل أن تذكر النعمة والقول المذكور لا يخصان ركوب الأنعام بل يعمانها والفلك، وذكر بعضهم أنه يقال: إذا ركبت السفينة {بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} إلى {رَّحِيمٌ} [هود: 41] ويقال: عند النزول منها (اللهم أنزلنا منزلًا مباركًا وأنت خير المنزلين) {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} أي مطيقين، وأنشد قطرب لعمرو بن معدي كرب:
لقد علم القبائل ما عقيل ** لنا في النائبات بمقرنينا

وهو من أقرن الشيء إذا أطاقه، قال ابن هرمة:
وأقرنت ما حملتني ولقلما ** يطاق احتمال الصد يا دعد والهجر

وحقيقة أقرنه وجده قرينته وما يقرن به لأن الصعب لا يكون قرينة للضعيف ألا ترى إلى قولهم في الضعيف لا تقرن به الصعبة، والقرن الحبل الذي يقرن به، قال الشاعر:
وابن اللبون إذا ما لز في قرن ** لم يستطع صولة البزل القنا عيس

وحاصل المعنى أنه ليس لنا من القوة ما يضبط به الدابة والفلك وإنما الله تعالى هو الذي سخر ذلك وضبطه لنا.
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سليمان بن يسار أن قومًا كانوا في سفر فكانوا إذا ركبوا قالوا: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وكان فيهم رجل له ناقة رزام فقال: أما أنا فلهذه مقرن فقمصت به فصرعته فاندقت عنقه، وقرىء {مُقْرِنِينَ} بتشديد الراء مع فتحها وكسرها وهما بمعنى المخفف.
{وَإِنَّا إلى رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ} أي راجعون، وفيه إيذان بأن حق الراكب أن يتأمل فيما يلابسه من السير ويتذكر منه المسافرة العظمى التي هي الانقلاب إلى الله تعالى فيبني أموره في مسيره ذلك على تلك الملاحظة ولا يأتي بما ينافيها، ومن ضرورة ذلك أن يكون ركوبه لأمر مشروع، وفيه إشارة إلى أن الركوب مخطرة فلا ينبغي أن يغفل فيه عن تذكر الآخرة. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقولنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9)}.
لما كان قوله: {وكم أرسلنا من نبيء في الأولين} [الزخرف: 6] موجهًا إلى الرّسول صلى الله عليه وسلم للتسلية والوعد بالنصر، عطف عليه خطاب الرّسول صلى الله عليه وسلم صريحًا بقوله: {ولئن سألتهم} الآية، لقصد التعجيب من حال الذين كذّبوه فإنهم إنما كذبوه لأنه دعاهم إلى عبادة إله واحد ونبْذِ عبادة الأصنام، ورأوا ذلك عجبًا مع أنهم يقرّون لله تعالى بأنّهُ خالق العوالم وما فيها.
وهل يستحق العبادةَ غيرُ خالق العابدين، ولأنّ الأصنام من جملة ما خلق الله في الأرض من حجارة، فلو سألهم الرّسول صلى الله عليه وسلم في محاجّته إياهم عن خالق الخلق لما استطاعوا غير الإقرار بأنه الله تعالى.
فجملة {ولئن سألتهم} معطوفة على جملة {وكم أرسلنا من نبيء في الأولين} [الزخرف: 6] عطف الغرض، وهو انتقال إلى الاحتجاج على بطلان الإشراك بإقرارهم الضِمْنيّ: أن أصنامهم خالية عَن صفة استحقاققِ أنْ تُعبد.
وتأكيد الكلام باللام الموطئة للقسم ولام الجواب ونون التوكيد لتحقيق أنهم يجيبون بذلك تنزيلًا لغير المتردد في الخبر منزلة المتردّد، وهذا التنزيل كناية عن جدارة حالتهم بالتعجيب من اختلال تفكيرهم وتناقض عقائدهم وإنّما فُرض الكشف عن عقيدتهم في صورة سؤالهم عن خالقهم للإشارة إلى أنهم غافلون عن ذلك في مجرى أحوالهم وأعمالهم ودعائهم حتى إذا سألهم السائل عن خالقهم لم يتريّثوا أن يجيبوا بأنه الله ثم يرجعون إلى شركهم.
وتاء الخطاب في {سألتهم} للنبيء صلى الله عليه وسلم وهو ظاهر سياق التسلية، أو يكون الخطاب لغير معيّن ليعمّ كل مخاطب يتصور منه أن يسألهم.
و{العزيز العليم} هو الله تعالى.
وليس ذكر الصفتين العليتين من مقول جوابهم وإنما حكي قولهم بالمعنى، أي ليقولن خلقهنّ الذي الصفتان من صفاته، وإنما هم يقولون: خلقهن الله، كما حكي عنهم في سورة لقمان (25) و{لئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولنّ الله} وذلك هو المستقرَى من كلامهم نثرًا وشعرًا في الجاهلية.
وإنما عُدل عن اسم العليّ إلى الصفتين زيادة في إفحامهم بأن الذي انصرفوا عن توحيده بالعبادة عزيز عليم، فهو الذي يجب أن يرجوه النّاس للشدائد لعزّته وأن يخلصوا له باطنهم لأنه لا يخفى عليه سرّهم، بخلاف شركائهم فإنها أذلّة لا تعلم، وإنهم لا ينازعون وصفه بـ {العزيز العليم}.
وتخصيص هاتين الصفتين بالذكر من بين بقية الصفات الإلهية لأنها مضادة لصفات الأصنام فإن الأصنام عاجزة عن دفع الأيدي.
والتقدير: ولئن سألتهم مَن خلق السماوات والأرض ليقولنّ الله، وإن سألتهم: أهو العزيز العليم.
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10)}.
هذا كلام موجه من الله تعالى، هو تخلّص من الاستدلال على تفرده بالإلهية بأنه المنفرد بخلق السماوات والأرض إلى الاستدلال بأنه المنفرد بإسداء النعم التي بها قِوام أوَدِ حياة الناس.
فالجملة استئناف حُذف منها المبتدأ، والتقدير: هو الذي جعل لكم الأرض مهادًا.
وهذا الاستئناف معترض بين جملة {ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض} [الزخرف: 9] الآية وجملةِ {وجعلوا له من عباده جُزءًا} [الزخرف: 15] الآية.
واسم الموصول خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو الذي جعل لكم وهو من حذف المسند إليه الوارد على متابعة الاستعمال في تسمية السكاكي حيث تقدم الحديث عن الله تعالى فيما قبلَ هذه الجملة.
واجتلاب الموصول للاشتهار بمضمون الصلة فساوى الاسم العلم في الدلالة.
وذُكرت صلتان فيهما دلالة على الانفراد بالقدرة العظيمة وعلى النعمة عليهم، ولذلك أقحم لفظ {لكم} في الموضعين ولم يقل: الذي جعل الأرض مهادًا وجعَل فيها سُبلًا كما في قوله: {ألم نجعل الأرض مهادًا والجبال أوتادًا} [النبأ: 6، 7] لأن ذلك مقام الاستدلال على منكري البعث، فسيق لهم الاستدلال بإنشاء المخلوقات العظيمة التي لا تُعدّ إعادة خلق الإنسان بالنسبة إليها شيئًا عجيبًا.
ولم يكرر اسم الموصول في قوله: {وجعل لكم فيها سبلًا} لأن الصلتين تجتمعان في الجامع الخيالي إذ كلتاهما من أحوال الأرض فجعلهما كجَعْللِ واحد.
وضمائر الخطاب الأحد عشر الواقعة في الآيات الأربع من قوله: {الذي جعل لكم الأرض مهادًا} إلى قوله: {مقرنين} [الزخرف: 10 13] ليست من قبيل الالتفات بل هي جارية على مقتضى الظاهر.
والمهاد: اسم لشيء يمهد، أي يوطأ ويسهل لما يحلّ فيه، وتقدم في قوله: {لهم من جهنّم مهاد} في سورة الأعراف (41).
ووجه الامتنان أنه جعل ظاهر الأرض منبسطًا وذلك الانبساط لنفع البشر الساكنين عليها.
وهذا لا ينافي أن جسم الأرض كروي كما هو ظاهر لأن كرويتها ليست منفعة للنّاس.
وقرأ عاصم {مهدًا} بدون ألف بعد الهاء وهو مراد به المهاد.
والسُبل: جمع سبيل، وهو الطريق، ويطلق السبيل على وسيلة الشيء كقوله: {يقولون هل إلى مردٍ من سبيلٍ} [الشورى: 44].
ويصح إرادة المعنيين هنا لأن في الأرض طرقًا يمكن سلوكها، وهي السهول وسفوح الجبال وشعابها، أي لم يجعل الأرض كلها جبالًا فيعسر على الماشين سلوكها، بل جعل فيها سبلًا سهلة وجعل جبالًا لحكمة أخرى ولأن الأرض صالحة لاتخاذ طرق مطروقة سابلة.
ومعنى جعْللِ الله تلك الطرق بهذا المعنى: أنه جعل للنّاس معرفة السير في الأرض واتباع بعضهم آثار بعض حتى تتعبد الطرق لهم وتتسهل ويعلم السائر، أي تلك السبل يوصلُه إلى مقصده.
وفي تيسير وسائل السير في الأرض لطف عظيم لأن به تيسير التجمع والتعارف واجتلاب المنافع والاستعانة على دفع الغوائل والأضرار والسيرُ في الأرض قريبًا أو بعيدًا من أكبر مظاهر المدنِيَّة الإنسانية، ولأن الله جعل في الأرض معايش النّاس من النبات والثمر وورق الشجر والكمأة والفقع وهي وسائل العيش فهي سبل مجازية.
وتقدم نظير هذه الآية في سورة طه.
والاهتداء: مطاوع هداه فاهتدى.
والهداية حقيقتها: الدلالة على المكان المقصود، ومنه سمي الدال على الطرائق هاديًا، وتطلق على تعريف الحقائق المطلوبة ومنه {إنّا أنزلنا التوراة فيها هُدىً ونورٌ} [المائدة: 44].
والمقصود هنا المعنى الثاني، أي رجاء حصول علمكم بوحدانية الله وبما يجب له، وتقدم في {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة: 6].
ومعنى الرجاء المستفاد من (لعل) استعارة تمثيلية تبعية، مُثِّل حال من كانت وسائل الشيء حاضرة لديه بحال من يُرجى لحصول المتوسل إليه.
{وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11)}.
انتقل من الاستدلال والامتنان بخلق الأرض إلى الاستدلال والامتنان بخلق وسائل العيش فيها، وهو ماء المطر الذي به تُنبت الأرض ما يصلح لاقتيات الناس.
وأعيد اسم الموصول للاهتمام بهذه الصلة اهتمامًا يجعلها مستقلة فلا يخطر حضورها بالبال عند حظور الصلتين اللتين قبلها فلا جامع بينها وبينهما في الجامع الخيالي.
وتقدم الكلام على نظيره في سورة الرعد وغيرها فأعيد اسم الموصول لأن مصداقه هو فاعل جميعها.
والإنشاء: الإحياء كما في قوله: {ثمّ إذا شاء أنشره} [عبس: 22].
وعن ابن عباس أنه أنكر على من قرأ {كيف نَنْشُرها} [البقرة: 259] بفتح النون وضم الشين وتلا {ثم إذا شاء أَنْشَرَهُ} [عبس: 22] فأصل الهمزة فيه للتعدية وفعله المجرد نشر بمعنى حَيِيَ، يقال: نَشر الميتُ، برفع الميت قال الأعشى:
حتى يقول النّاس مما رأوا ** يا عَجَبًَا للميّتتِ النَاشِرِ

وأصل النشر بسْط ما كان مطويًا وتفرعت من ذلك معاني الإعادة والانتشار.
والنشر هنا مجاز لأن الإحياء للأرض مجاز، وزاده حسنًا هنا أن يكون مقدمة لقوله: {كذلك تخرجون}.
وضمير {فأنشرنا} التفات من الغيبة إلى التكلم.
والميّت ضدّ الحي.
ووصف البلدة به مجاز شائع قال تعالى: {وآية لهم الأرض الميّتة أحييناها} [يس: 33].
وإنما وصفت البلدة وهي مؤنث بالميت وهو مُذكّر لكونه على زنة الوصف الذي أصله مَصدر نحو: عَدْل وزَوْر فحسن تجريده من علامة التأنيث على أن الموصوف مجازي التأنيث.
وجملة {كذلك تخرجون} معترضة بين المتعاطفين وهو استطراد بالاستدلاللِ على ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من إثبات البعث، بمناسبة الاستدلال على تفرد الله بالإلهية بدلائل في بعضها دلالة على إمكان البعث وإبطال إحالتهم إياه.
والإشارة بذلك إلى الانتشار المأخوذ من {فأنشرنا}، أي مثل ذلك الانتشار تُخرجون من الأرض بعد فنائكم، ووجه الشبه هو إحداث الحي بعد موته.
والمقصود من التشبيه إظهار إمكان المشبه كقول أبي الطيب:
فإن تفق الأنامَ وأنتَ منهم ** فإنَّ المِسك بعضُ دَممِ الغزال

وقرأ الجمهور {تُخرجون} بالبناء للنائب.
وقرأه حمزة والكسائي وابن ذكوان عن ابن عامر {تَخرُجون} بالبناء للفاعل والمعنى واحد.
{وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12)}.
هذا الانتقال من الاستدلال والامتنان بخلق وسائل الحياة إلى الاستدلال بخلق وسائل الاكتساب لصلاح المعاش، وذكر منها وسائل الإنتاج وأتبعها بوسائل الاكتساب بالأسفار للتجارة.
وإعادة اسم الموصول لما تقدم في نظيره آنفًا.
والأزواج: جمع زوج، وهو كل ما يصير به الواحد ثانيًا، فيطلق على كل منهما أنه زوج للآخر مثل الشفع.
وغلب الزوج على الذكر وأنثاه من الحيوان، ومنه {ثمانية أزواج} في سورة الأنعام (143)، وتوسع فيه فأطلق الزوج على الصنف ومنه قوله: {ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين} [الرعد: 3].
وكلا الاطلاقين يصح أن يراد هنا، وفي أزواج الأنعام منافع بألبانها وأصوافها وأشعارها ولحومها ونتاجها.
ولما كان المتبادرُ من الأزواج بادىء النظر أزواجَ الأنعام وكان من أهمها عندهم الرواحل عطف عليها ما هو منها وسائل للتنقل برًّا وأدمج معها وسائل السفر بحرًا.
فقال: {وجعل لكم من الفُلك والأنعام ما تركبون} فالمراد بـ {ما تركبون} بالنسبة إلى الأنعام هو الإبل لأنها وسيلة الأسفار قال تعالى: {وآيةٌ لهم أنّا حملنا ذرياتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} [يس: 41، 42] وقد قالوا: الإبلُ سفائن البر.
وجيء بفعل {جَعل} مراعاة لأن الفلك مصنوعة وليست مخلوقة، والأنعام قد عُرف أنها مخلوقة لشمول قوله: {خلَق الأزواج} إياها.
ومعنى جَعل الله الفلكَ والأنعامَ مركوبة: أنه خلق في الإنسان قوة التفكير التي ينساق بها إلى استعمال الموجودات في نفعه فاحتال كيف يصنع الفلك ويركب فيها واحتال كيف يَروض الأنعام ويركبها.
وقُدم الفلك على الأنعام لأنها لم يشملها لفظ الأزواج فذكرها ذكرُ نعمة أخرى ولو ذكر الأنعام لكان ذكره عقب الأزواج بمنزلة الإعادة.
فلما ذكر الفلك بعنوان كونها مركوبًا عطف عليها الأنعام فصار ذكر الأنعام مترقبًا للنفس لمناسبة جديدة، وهذا كقول امرىء القيس:
كأنيَ لم أركَبْ جوادًا للذةٍ ** ولم أتَبطن كاعبًا ذات خَلْخَال